من وثائق البرلمان البريطاني .. لجنة أبين ومشروع الجزيرة في السودان 1955م ..(5)

2017-10-19 02:39
من وثائق البرلمان البريطاني .. لجنة أبين ومشروع الجزيرة في السودان 1955م ..(5)

الدمار الذي لحق بقنوات الري بدلتا أبين

شبوه برس - خاص - عدن

 

في جلسة مجلس العموم البريطاني يوم 16 مارس 1955م دار نقاش مستفيض حول الوضع في مستعمرة عدن ومحمياتها ، ونجتزئ منها هنا ما أفاد به أمام المجلس وزير الدولة لشؤون المستعمرات البريطانية السيد هنري هوبنكسن حول لجنة أبين الزراعية ( abyan board)  وبداية دخول الإنجليز وتواجدهم في منطقة دلتا أبين والنموذج الذي تأسست لجنة أبين على شاكلته حيث قال السيد هنري هوبنكسن وزير المستعمرات  :

((  فيما يتعلق بمشروع مخطط لجنة أبين فمن المهم الإشارة الى أننا دخلنا هذا الإقليم لأغراض إدارية لأول مرة في عام 1938م ، وكان ذلك لإنهاء الخلافات المستمرة والدائمة بين قبائل اليافعي والفضلي ، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك سوى 000 1 فدان من الأراضي مستصلحة ويتم زراعتها . وفي الفترة ما بين عامي 1940 و 1947، تم إنتاج الحبوب وزرع حوالي 5000 فدان .

 

وقد تم إنشاء لجنة أبين لغرض محدد هو تطوير مساحة كبيرة جدا تقدر بـ 120,000 فدان في المحصلة الكلية للمشروع على أساس الري من إثنين من الأودية : وادي بنأ ووادي حسان ، ومن خلال الري، كان من المأمول أن تكون هذه المساحة الزراعية قادرة ليس على إنتاج الحبوب فقط بل والعديد من المحاصيل الأخرى، وخصوصا القطن.

 وقد تم تنظيم لجنة أبين على غرار مجلس القاش ، الذي مايزال بعضنا يتذكر أنهم عملوا بنجاح كبير في مقاطعة كسلا في ( محافظة الجزيرة)  بالسودان ، وهي شراكة ثلاثية بين الحكومة والمستأجر والمالك، ويتم تعيين أعضاء مجلس إدارة لجنة أبين من قبل حاكم عدن ، ويمكن الحكم على نجاح الخطة بالنتائج حيث أنتجت لجنة أبين من القطن في السنة الماضية ( 1954م ) ما قيمته مليونين ونصف المليون  ( 2.5  ) جنيه إسترليني، من الدرجة الممتازة جدا كقطن الجزيرة السوداني ،  وكان هذا زيادة عن إنتاج 1500 بالة، بقيمة 115000، جنية إسترليني في عام 1949م،  والآثار المترتبة على هذا المشروع كانت ملحوظة في الاقتصاد ، وهو إنجاز عظيم جدا، ولا يعزى الفضل الكبير إلى أعضاء مجلس إدارة لجنة أبين فحسب، بل إلى حكومة عدن، ولا سيما إلى مستشاري الحكومة الذين ساعدوا كثيرا في تنفيذ الخطة . )) .

 

الجدير بالذكر أن مشروع لجنة أبين - التي صارت اليوم قاعا صفصفا ولم يعد أحد يتكلم عنها - كانت دائما ما يتم التطرق إليها في كل نقاش للبرلمان البريطاني حول الأوضاع في عدن والمحميات كنموذج للمشاريع الزراعية الاقتصادية العملاقة وإحدى عناوين النهضة التنموية والتقدم الاجتماعي والرخاء في الجنوب  ،  والاستدلال بها على نجاح السياسات البريطانية في مجال سعيها لإقامة علاقات إيجابية بينية لأقاليم الجنوب تخدم مواطني ورعايا هذه الأقاليم وتعمل على توحيدها في كيان اتحادي، كما يُستدل بها أيضا لجهود بريطانيا كقوة احتلالية لتقديم خدمة حضارية للشعوب التي تستعمرها.

 

لقد خرج الاستعمار البريطاني من بلادنا بخيره وشره وكان المؤمل أن نحافظ على ما بناه ونطوره ، ولكننا غرقنا في صراعات دمرت علينا جزءا كبيرا مما بني، ونحتاج اليوم أن نقرأ التاريخ مجددا لعلنا نصحو ونعيد ما دمرناه  .

*- محمد ناصر العولقي – جعار أبين