أسباب إلحاح اليمن في المطالبة بضم الجنوب العربي عام 1956م ..من وثائق البرلمان البريطاني (3)

2017-10-08 18:46
أسباب إلحاح اليمن في المطالبة بضم الجنوب العربي عام 1956م ..من وثائق البرلمان البريطاني (3)
شبوه برس - خاص - عدن

 

في جلسة مناقشات طويلة خصصها البرلمان البريطاني يوم 13 يونيو 1956م للوضع في مستعمرة عدن ومحمياتها الغربية والشرقية بحضور وزير المستعمرات البريطاني تعرض الأعضاء لموضوع مطالبة الإمام أحمد وأطماعه المستمرة في ضم الجنوب العربي إلى مملكته اليمن ، وتزايد هذه المطالبة والإلحاح عليها في ذلك العام 1956م  .

ونظرا لطول هذه المناقشة نجتزئ منها هذه الفقرة الهامة التي وردت في مداخلة أحد الأعضاء البارزين والتي ألقت الضوء على أهم الأسباب التي تقف وراء هذا الموضوع لعل ذلك يضيء خلفية المشهد الذي نقف اليوم في لجته المظلمة  .

---------

 

 لا بد أن نسأل : لماذا يجب أن تصبح هذه المنطقة برمتها الآن مشكلة ملحة؟

إن اليمن قد أطلق مطالبات إقليمية جديدة عليه ، وفي الواقع، فاليمن كان كل عام في الجمعية العامة للأمم المتحدة يرفع المندوب اليمني دعوى رسمية الى كل إقليم، وبطبيعة الحال، خلال هذه الفترة نفسها كانت هناك غارات متقطعة عبر الحدود من قبل القوات اليمنية، وقدمت الهدايا من الغذاء والمال والأسلحة إلى العناصر التخريبية.

غير أن التغيير المفاجئ في هذا الموقف حاليا يعود إلى أربعة أسباب هي :

السبب الأول الذي يمكن أن يقال أنه الأهم ، هو زيادة التحسن في مستويات المعيشة للشعب في مستعمرة عدن والمحميات الغربية نتيجة للتنمية الاقتصادية ومشروع لجنة أبين الزراعية حيث تتناقض الظروف الاقتصادية فيها بشكل ملحوظ مع الظروف البدائية شبه القرون الوسطى تقريبا التي توجد في اليمن. وبما أن سكان جنوب اليمن ينتمون إلى الطائفة الشافعية التي ينتمي إليها سكان المحمية الغربية أيضا، وهم معادون أساسا للحاكم الزيدي في شمال ووسط اليمن، فمن السهل أن نفهم كيف أن الإمام ومستشاريه سوف يتخوفون من هذا الازدهار المتزايد وتحسين مستويات المعيشة في هذه المنطقة المجاورة للمحمية الغربية .

 

السبب الثاني الذي أدى إلى زيادة الضغط اليمني،هو بلا شك المقترحات المتعلقة بتشكيل الاتحاد الفيدرالي التي طرحت في شكل مبدئي قبل عامين.

ومن الواضح أن عددا من المحميات الصغيرة، المنتشرة على مساحة واسعة، لا يمكنها في الأجل الطويل أن تحقق تنمية اقتصادية أو سياسية كاملة ما لم يكن هناك شيء يمكن القيام به لربط كل منها بشكل أوثق مع الآخر. وهذا هو موضوع مقترحات الاتحاد. ولم تبذل أي محاولة لإنفاذ تلك المقترحات على الحكام أو الشعب ضد رغباتهم ، وفي الآونة الأخيرة فقط أشار الحكام إلى أنهم يقبلون هذا المفهوم عن توثيق الارتباط، وهم على استعداد للجلوس معا ووضع مقترحات لتنفيذها.

 

ومن هنا فمن السهل أن نرى حكام اليمن يتخوفون من احتمال قيام دولة موحدة جنبا إلى جنب معها، وبالتالي إحباط الأهداف طويلة الأجل لليمن.

 

  السبب الثالث الذي ساهم في هذه الزيادة في الضغط اليمني، وكذلك الضغط من المملكة العربية السعودية، كان وجود النفط المحتمل في المحمية الشرقية حيث بدأت شركة النفط بتروليومز المحدودة الحفر هناك، ونحن نفهم أن هناك آفاقا مشجعة للغاية. وهذا لم يشجع فقط جاذبية الحكومتين المجاورتين، بل ساعد في الوقت ذاته على إثارة الخوف في عقول الحكام اليمنيين من أن يشهدوا خطوة عظيمة إلى الأمام في الظروف المعيشية لشعب المحمية.

 

أما السبب الرابع والأخير فهو نمو القومية العربية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بإلهام من العقيد ناصر والحكومة المصرية

عندما كنت في المحمية قبل عام ونصف، كانت القومية العربية عاملا غير مهم نسبيا... صحيح أن إذاعة "صوت العرب" كانت تبث بالفعل وكان لها بعض التأثير، لكنه كان غير مهم نسبيا. وفي هذا العام فقط، تم تعزيز الدعاية إلى حد ما لديها، مع العنف والاستفزاز؛ وقد أضيف إلى ذلك التهديد الضمني في المعاهدة العسكرية التي وقعت مؤخرا بين الإمام والعقيد ناصر وعاهل المملكة العربية السعودية.

ومما لا شك فيه أن هذه الدعاية تتساقط على بعض التربة الخصبة، بسبب المؤامرات والعدوان اليمني ، وبالتأكيد كان لها أكبر تأثير بين العمالة اليدوية اليمنية الكثيفة في المستعمرة عدن نفسها. وأود أن أقول إنه هذا العنصر اليمني هو قوام العديد من المتظاهرين الذين قيل من قبل الصحافة ضد استقبال صديقي النبيل اللورد لويد ( وزير المستعمرات) عندما زار المستعمرة مؤخرا.

ولكن، بشكل عام، أعتقد أن نجاح الدعاية العربية والدعاية المصرية والدعاية اليمنية يرجع أساسا إلى الشعور بين الشعب العربي في عدن والمحميات ومن بينهم بعض من أفضل أصدقائنا من الحكام، أننا لا ننوي البقاء. وقد استمد هذا الشعور من عمليات الانسحاب من أجزاء أخرى من العالم  .

 

إقرأوا التاريخ لتعرفوا حقيقة الحاضر بشكل أفضل

 

*- محمد ناصر العولقي