الأيام تفتح الملفات السوداء : كهرباء عدن ..فســاد(2) برعــاية رسمـيـة

2017-07-29 10:29
الأيام تفتح الملفات السوداء : كهرباء عدن ..فســاد(2) برعــاية رسمـيـة
شبوه برس - خاص - عدن

 

أسباب كثيرة أوصلت خدمة الكهرباء إلى وضعها المتردي في وقتنا الحاضر، وإن كان أبرزها لجوء الجهات المعنية إلى شراء الطاقة المستأجرة على حساب الحكومية، على الرغم من التكلفة الباهظة التي لا تساوي خدماتها المقدمة.

فساد تسبب في نزيف حاد بأموال المؤسسة، والقضاء على الطاقة الحكومية لمصلحة أرباب شركات التوليد الخاصة وسماسرة الفساد وتجار الأزمات في الدولة.

فما أهدرته وزارة الكهرباء منذ سنوات عدة من أموال طائلة لشراء هذه الطاقة كفيل بإنشاء محطات غازية حكومية من شأنها أن تُقدم خدماتها لعشرات السنين، بل إن قيمة الإيجار الذي تنفقه الحكومة على الشركات الخاصة لعام أو عامين لتوليد الطاقة يفوق قيمة المكائن مرتين كما يقول مختصون.

وبنصف قيمة الديزل الذي تقدمه هذه الشركات خلال سنة كان سيمكنها من إنشاء محطة كهربائية غازية بـ(500 ميجاوات) تدوم لــ25 عاما، وتحقق عائدات سنوية للدولة تتجاوز مليار ريال كأرباح سنوية.

 

وتكشف العملية الحسابية الآتية جزءًا مِن الأموال التي تهدرها الدولة بتوليد الطاقة بوقود الديزل ذو الكلفة الباهظة مقارنة بمادة المازوت غير المكلف ماليًا.

وبحسب مهندس متخصص بالكهرباء فإن ما تستهلكه محطات الخدمة العاملة بالديزل في المدينة والمقدر بـ 1,100,000 لتر في اليوم، يكشف الفارق الكبير بين استخدام الديزل والمازوت في توليد التيار الكهربائي كما هو موضح أدناه:

1,100,000لتر ديزل باليوم × 175 سعر اللتر الديزل = 192,500,000 ريال يمني باليوم، أما قيمته في الشهر فتكون على النحو التالي: (192,500,000×30 يوم = 5 مليار 775 مليون ريال يمني، وبهذا يكون قيمة الديزل المصروف لمحطات الكهرباء بعدن خلال عام واحد ما قيمته: (5,775,000,000×12شهر= 69 مليار و300 مليون ريال يمني بينما سيكلف توليد نفس الكمية بـ(المازوت) ذو التكلفة الأقل 49 مليار و500 مليون، أي بفارق 19 مليار و800 مليون ريال، وفقا للعملية الحسابية الآتية:

 

(1,100,000 لتر مازوت باليوم ×قيمة اللتر المازوت في السوق المحلية 125 = 137 مليون و500 ألف ريال يمني في اليوم، فيما سيكلف في الشهر (137,500,000×30 = 4 مليار و125 مليون مضروبا في 12 شهرا سيكون الناتج = 49 مليارو500 مليون هي تكلفة توليد الطاقة بالمازوت خلال عام، وهو ما يعني أن الدولة ستوفر قيمة الفارق بين الديزل والمازوت في العام 19 مليار و800 مليون ريال يمني.

 

ومن فداحة شراء الطاقة المستأجرة أيضا أن شراء 20 ميجاوات يمكن أن ينشأ بقيمتها محطة غازية حكومية بقدرة 200 ميجاوت تدوم عشرات السنين كما يقول مختصون.

 

 

*مشكلات تقنية ومولدات غير مجدية*

 

أشار تقرير سابق لـ«الأيام» أن المشكلات التقنية لمولدات الطاقة المستأجرة من الشركات أنها في الأساس مولدات لا تتجاوز حمولتها واحد ميجاوات، وتتسبب في زيادة استهلاك كميات أكبر من الوقود، وهذا سبب عدم كونها غير مجدية اقتصاديا وباهظة الثمن، فتوليد عشرة ميجا من الطاقة المسـتأجرة (تعادل) استهلاك 15 ميجا حكومي، وبتالي يذهب كل عجز المحطات الحكومية في الوقود لمصلحة مولدات التوليد المستأجرة من الشركات.

 

وتكشف مذكرات مهمة حصلت عليها «الأيام» مدى الفساد وتنوعه، وكذا المخالفات القانونية في عقود الصفقات المُبرمة بين المؤسسة العامة لكهرباء عدن، والشركات الخاصة المولدة للطاقة، وكذا احتكار التوريد لشركات معينة، وعدم مطابقة الموصفات في كثير منها مع تغاظي الجهات المسئولة عنها، الأمر الذي تسبب في إهدار الكثير من الأموال دون أن تستطيع الجهات المعنية من استعادتها ومصادرة الضمانات الخاصة بها لاستقواء أرباب تلك الشركات بنافذين في السلطة.

 

*فساد الـ90 ميجاوات*

 

من أبرز صفقات الفساد ما كشفته مذكرة صادرة عام 2014م، مرفوعة من المدير العام المهندس عبدالمجيد صالح الدهبلي إلى وزير الكهرباء والطاقة عبدالله محسن الأكوع بتاريخ 7/ 2014/13 بخصوص الصفقة المُبرمة بين المؤسسة العامة لكهرباء عدن و(شركة دوم) عام 2013م والخاصة بتوريد طاقة 90 ميجاوات، بتكلفة مالية بقيمة مائة وثلاثة عشر مليون دولار أمريكي.

 

وأوضحت المذكرة والمعنونة بـ(المخالفات المتعلقة بعقد شراء الطاقة 90 ميجاوات /عدن) عن توقيع صيغة عقد مُغايرة لاتفاقية العقد المعلنة ضمن وثائق المناقصة التي قدمت الشركة عرضًا لشروطها وأحكامها وهي مخالفة تتوجب المساءلة بشأنها.

 

 

عقد شراء طاقة

 

ووفقًا لعرض الشركة بحسب المذكرة فإنه كان يتوجب توفير القدرات التوليدية للمناقصة بصورة تدريجية بحيث تكتمل القدرة التوليدية في شهر نوفمبر عام2013م، بحسب ما وردت في مطالبات الأخ محافظ المحافظة.

 

فضلاً عن توقيع العقد قبل قيام الشركة بتقدم ضمان الأداء مما شكل أيضا مخالفة إجرائية صارخة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات ويستوجب المساءلة.

 

وكاشفة في الوقت نفسه عن تخلي شركة (دوم) بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية مما استوجب وقوعها تحت طائلة أحكام قانون المناقصات ولائحته التنفيذية والشروط الجزائية في العقد والمتمثلة بالآتي:-

 

1 - فرض غرامة التأخير بقيمة إجمالي أحد عشر مليون وثلاثمائة وثمانية وثمانون ألفا وأربعمائة وثمانية وثلاثون دولار.

 

2 - وجوب مصادرة ضمان الأداء إضافة إلى غرامة التأخير كجزاء قانوني واجب لأعمال حال تجاوز فترة التأخير لمدة ثلاثة أشهر طبقاً لنص المادة(23) من قانون المناقصات ولائحته التنفيذية.

 

3 - الشرط الجزائي والتعويضات المنصوص عليها في المادة 15/3 من العقد والتي أوجبت فرض جزاء عدم توفير الحد الأدنى بواقع 5% وحال تجاوزها تنقلب إلى تعويضات مهما بلغت قيمتها.

 

4 - عدم توفر الحد الأدنى بواقع 5 % وحال تجاوزها تنقلب إلى تعويضات مهما بلغت قيمتها نتيجة لهذا من قِبل الشركة مما يستوجب إهمال صحيح للقانون فقد تم مخاطبة البنك بمصادرة ضمان الأداء لإخلال الشركة بالتزاماتها وفقا لأحكام القانون.

 

وطالبت المذكرة المقدمة بمصادر ضمان الأداء كإجراء عاجل وفقا للقانون، وكذا بإلغاء أي إجراءات سابقة على توجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، بالإضافة إلى وقف مرتكبي المخالفات بمنطقة عدن عن العمل وإحالتهم إلى التحقيق الإداري، واتخاذ الإجراءات القانونية إزاء المخالفات المرتكبة منهم.

 

وأوضحت وثيقة أخرى موجهة من محمد أحمد الكوكباني مدير مكتب الوزير إلى مدير عام المؤسسة ومدير عام منطقة كهرباء عدن، تحت عنوان موضوع (إنهاء عقد شراء الطاقة (90) ميجاوات الموقع من شركة (دوم) ومصادرة الضمان) وفقًا لتوجيهات الوزير.

 

وطالب الوزير وفق الوثيقة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وتنفيذ التوصيات الواردة في التقرير والرفع بالنتائج ليتم العرض.

 

وكشفت وثيقة المستشار القانوني لوزير الكهرباء الدكتور محمد علي الحاج والموجهة إلى معالي الوزير الكهرباء والطاقة نائب رئيس الوزراء المهندس عبدالله محسن الأكوع بتاريخ 9/6/ 2014م بخصوص إنهاء عقد الطاقة 90 ميجاوات الموقع مع شركة (دوم) ومصادرة الضمان.

 

*الوقائع والاستنتاجات*

 

إن شركة دوم للتجارة والمقاولات المحدودة فشلت في الوفاء بالتزاماتها التعاقدية الموقعة بينها وبين المؤسسة العامة للكهرباء ـ فرع عدن- بتاريخ 29/ 2013/4 بخصوص شراء الطاقة بقدرة 90 ميجاوات فشلت لأسباب راجعة إليها.

 

وأوضح المستشار في تقريره بأنه من خلال دراسة العقد دون مرفقاته والوثائق ذات الصلة خرج بالتوصيات العامة الموضحة في النقاط الآتية:

 

1 - استنادًا إلى نص المادة (14) من العقد ينبغي إعادة احتساب قيمة الغرامات المستحقة للمؤسسة بشكل صحيح لتشتمل على غرامات التأخير وغرامات العجز عن توفير الحد الأدنى من الطاقة والتي قد تتجاوز خمسين مليون دولار.

 

2 - استناداً إلى المادة (13) والمادة (16-2) من العقد والمواد (34-32) من القانون، والمواد ( 267، 273، 275) من اللائحة، يمكن إنهاء العقد بعد الحصول على موافقة لجنة المناقصات المختصة (اللجنة العليا)، وتوجيه إخطار كتابي لشركة دوم بذلك، ومصادرة الضمان، مع تحمل الشركة لكافة الخسائر المالية والاقتصادية المباشرة الناتجة عن إخلالها وفشلها في تنفيذ التزاماتها التعاقدية.

 

فيما أظهرت وثيقة أخرى وجهها مدير عام المؤسسة العامة لكهرباء عدن المهندس مُجيب أحمد حازم الشعبي إلى البنك المركزي اليمني بتاريخ 19/ 4/ 2016م بمصادرة ضمان تنفيذي رقم 2013001350 بمبلغ ( 657 082 17 دولار) الخاص بشراء طاقة 90 ميجاوات والخاصة بشركة دوم، مصادرة كاملاً خلال ثلاث أيام من تاريخه وتوريد المبلغ لمصلحة المؤسسة على حساب (42167، 1004، 01) مع موافاة المؤسسة بشعار القيد أو إصدار شيك بالمبلغ المطلوب.

 

وأفاد مصدر نقابي لـ«الأيام» بأنه جرى بموجب هذه الوثيقة رفع رسالة من قِبل المؤسسة العامة للكهرباء إلى بنك التضامن الإسلامي الدولي بمصادرة الضمان الخاص بالشركة والمقدر بـ17 مليون دولار، كما رفعت من مدير المؤسسة عبدالمجيد الدهبلي إلى وزير الكهرباء عبدالله الأكوع عام 2014م أوصى من خلالها بمصادرة الضمان الخاص بهذه الصفقة وإحالة المتسببين إلى التحقيق مع إيقافهم عن العمل.

 

وتعددت الرسائل ومذكرات مؤسسة العامة والقيادة السلطة المحلية والمطالبة فيها بنك التضامن الإسلامي الدولي والبنك المركزي اليمني بمصادرة الضمان لعدم التزام الشركة بشروط المناقصة والعقد المبرم معها، وأخرى تطالب بتجديد الضمان من قِبل الشركة وردود من البنكين فيما يتعلق بمصادرة الضمان.

 

*القضية في المحكمة*

 

مدير عام المؤسسة العامة لكهرباء عدن الأستاذ مجيب الشعبي أوضح لـ«الأيام» أن “مناقصة الـ 90 ميجاوات والموقعة بين المؤسسة العامة للكهرباء وشركة دوم عام 2013م، قد تم استيراد جزء منها بقدرة توليدية 45 ميجاوات، وهي موجودة في أرض الواقع ولكن لم نستطع تشغيلها بالمازوت حسب الاتفاق الموجود في العقد، ومازالت القضية منظورة أمام المحكمة ما بين المؤسسة العامة والشركة.

 

أما بالنسبة إلى الضمان والمقدر بـ 17 مليون دولار، فهناك عقد فيه نصوص بتمديد الضمان، وبموجبه مُدد بخمسة مليون دولار وستمائة وكسور، كما تم في حينه تقديم اعتراض للأخ المحافظ وقد وجه لبنك التضامن، بإعادة الضمان بالمبلغ كامل، وما زالت الإجراءات جارية، وهناك لجنة مشكلة برئاسة النائب المالي نائب الشؤون المالية في المؤسسة لمتابعة هذا الضمان”.

 

بنك التضامن الإسلامي الدولي

 

مخالفة قانون المناقصات *

 

كانت آخر مُذكرة تحصلت عليها «الأيام» موجهة من محافظ عدن السابق اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي إلى مدير بنك التضامن الدولي – عدن بتاريخ 28 نوفمبر 2016م تحت موضوع / خطاب الضمان التنفيذي رقم ( 2013001350) شركة دوم الصادر بتاريخ 5/5/ 2013م من بنك التضامن الإسلامي الدولي لصالح المؤسسة العامة لكهرباء عدن.

 

وطالب المحافظ الشركة وفقاً للوثيقة بسرعة تجديد خطاب الضمان المحدد بالمبلغ الكامل والصحيح والمقدر بسبعة عشر مليون واثنان وثمانون ألفاً وستمائة وسبعة وخمسون دولارأمريكي، وليس بالمبلغ المتناقض غير الصحيح والمقدر بـ5 ملايين 693 ألفا 649 دولار أمريكي و58 سنتًا لكون المشروع لم يتم تنفيذه على أرض الواقع من قِبل الشركة.

 

*- للإطلاع على الجزء الأول الرابط التالي : اضغـــــــط هنــــا