سيرة الشيخ ‘‘الصريمة‘‘ وثورة الوحدة الوطنية 1968م ‘‘حركة الكور‘‘ (الحلقة الثانية)

 

رغم بعده الشيخ أحمد بن فريد الصريمة عن بلاده إلا أنه حمل همها في صدره وقلبه، وعندما اندلعت معارك الوحدة الوطنية في منطقتي العوالق وردفان عام 1968م ضد النظام الماركسي في عدن شارك في حركة كور العوالق التي بدأت  في يوليو 1968م واستمرت  حتى سبتمبر عام 1969م و كان الشيخ أحمد فريد حاضراً يواكب الحدث حيث التحق بالثوار في كور العوالق، وتمكن من شحن عشر سيارات بالأسلحة والذخائر من الحدود ومعه سبعون مقاتلاً، وزع عليهم أسلحة وذخائر وطلب منهم البقاء على الحدود في مكان معين على أن يكونوا على أهبة الاستعداد لحين عودته من كور العوالق، وانطلق بالسيارات ومعه تسعة أشخاص على رأسهم، الرائد "عبد الله علي النسي" (محافظ شبوه السابق) وناصر لسود البوبكري وآخرين.

 

ساري الليل:

ذكر الشيخ الصريمة تلك الأحداث وقال: سرينا( ) ليلاً والتقينا على موعد في الصحراء بعوض حسين بن عشيم، ونصحنا بالرجوع، وعدم الدخول إلى الكور، ثم عاد بسيارته إلى المصينعه ومنها إلى الكور إلا أننا قررنا المضي قدماً وسرنا حتى وصلنا وادي همام بعد مغرب اليوم التالي، وفي مكان يقع بين عتق والوادي، قابلت "نواد الهمامي" وبقي معنا، ثمان سيارات فقط بحمولتها وانضم إلينا مجموعة من المقاتلين، فأصبح عددنا ثلاثون رجلاً.

 

نجونا من الدبابات:

أبلغنا" نواد الهمامي" أن هناك ست دبابات، واثني عشر جيباً لاندروفر تمر كدورية ليلية من مركز  "الجيف" في نصاب، وذكر أنها مرت قبل قليل كعادتها وستعود..

ثم أبعدنا من مكانه مسافة 5 كيلومتراً، وفي الساعة الحادية عشر مساءً وصلت الدورية ومرت بجوارنا ولحسن الحظ لم تشاهدنا، وبعد أن تعشينا أفرغنا شحنة الأسلحة والذخائر المحملة على السيارات، وأخفيناها في مكان آمن، ثم طلبت منه ومعي سبعة أشخاص فقط أن يوصلنا إلى حطيب.

 

الصعود إلى كور العوالق:

قال لي" نواد الهمامي" لا يوجد إلا طريقين فقط الأول: يمر عبر نصاب، وهناك توجد خشبة للجيش أي حاجز عسكري!!

والثاني: يمر وسط "جباه" ثم عبرنا الطريق الثاني تحت بيت أحمد مساعد، أحد قيادات الحزب الاشتراكي ثم عبرنا إلى أرض" آل دغار" ووصلنا (حطيب) وهناك قابلنا أحمد بن عيده الربيزي، وسألناه عن مبخوت بن سالم علي معور الربيزي فقال:

- إنه على مسافة يومين من هنا... في مكان لا تصله الطيور!!

أخذنا معنا دليلنا ومشينا طوال الليل في رمضان 1389هـ - 1969م، ونمنا في نهار اليوم التالي ثم واصلنا السير ليلاً... ووصلنا عند "مبخوت" وكان معه مجموعة من الرجال منهم : هادي الشاجري ... وعندما علمت بنا قبائل العوالق انضم إلينا أكثر من (300) مقاتل.

 

عمليات عسكرية:

قمنا بعدة عمليات هجومية على مراكز النظام الشمولي في نصاب، وفي أحدى العمليات قام (15) مقاتلاً بهجوم مسلح على مركز (الجيف" في نصاب، وقذفوه بقنابل يدوية وخاصة على المعسكر فقتلوا خمسة ضباط وجنود ثم انسحبوا وعند وصولهم فوق مطارح الدولة في "ضراء" ناموا ماعدا هادي الشاجري رفض النوم معهم وحذرهم من ملاحقة الجيش ومباغتته لهم بالسيارات إلا أنهم لم يصغوا لنصيحته.. وقفل راجعاً إلينا حيث وصل صباحاً.

 

الجيش يفاجئ الثوار:

اقتفى الجيش أثر الثوار المهاجمين وداهمهم، ودارت بين الطرفين معركة سريعة وقصيرة استشهد فيها من الثوار كل من:

1- أحمد منصور الربيزي.

2- حيدره منصور الربيزي.

وأصيب عباد مسعود الربيزي، وكلهم أبناء عمومة الشيخ مبخوت سالم علي معور.

ويواصل الشيخ أحمد الصريمة قائلاً:

مكثنا  بعد ذلك في جبال الربيز الشامخة وهي جزء لا يتجزأ من "كور العوالق" مدة خمسة أشهر، ثم بدأ الجيش يضغط علينا من كل الجهات في المنطقة، مما اضطرنا للانسحاب إلى " مسوره" ومكثنا هناك حوالي شهرين" في املحف" على الحدود.

 

وهكذا كان الشيخ أحمد الصريمة طوال رحلته التي استمرت أكثر من 8 أشهر يتنقل بين الصحراء وجبال الكور وكان مثار إعجاب المئات من أبناء العوالق حيث كان مقاتلاً عنيداً ومغامراً شجاعاً يخترق الصحراء ليلاً لمد الثوار بالمال والسلاح ويشارك في المعارك، ويخرج بعد كل معركة بتجارب جديدة تضاف إلى رصيده،وقد قال الشاعر محمد بن علي القاسي قصيدة طويلة عن المقاتلين في كور العوالق وأشار اليهم في قصيدة طويلة نقتبس منها بعض الأبيات:

سلم على البعسي وسالم بن قطن / ما حن وأمسى في تقاديم المثار

واعبر على سفيان حد أهل السلب /  حد المنيبه دي تلاطم بالشوار

غار العتيقي واتفاقوا  كلهم         /ظلى يكيله من مع شمخ جوار

هل مدحجي تصبح بحرجان العمل /دي يجبرون السوم لا فيه العوار

شع عاد هل دحه بعدس الملتوي  / دي يخمعون ابليس لا الشيطان غار

ويشير الى آل فريد فيقول:

مربون جانا دي يلاطم بالخشب  /شل السواقي دي رزاعوها حجار

شيلوب واهله عادني باعممه /    ياسيف يبرق في مسامير الحضار

 

*- بقلم : د.علوي عمر بن فريد السبت 11:37م

*- للإطلاع على الحلقة الأولى على الرابط التالي : أضغـــــــــــط هنـــــا