القضية الجنوبية وجنون الارتياب (Delusion)

2017-03-22 14:48

 

هناك شركة بين أخوين، اختلفوا على إدارتها، تقاتلوا، فرض كل واحد منهم وجودة في مساحة من الشركة، لكنهم غير قادرين على العمل، لأن الإدارة مشلولة، وتوقفت عجلة العمل والانتاج في الشركة، بسبب ذلك الخلاف، فما هو الحل؟.

ببساطة الحل هو: الاتفاق على صيغة جديدة للإدارة، أو اقتسام الشركة واعتراف كل منهم بشرعية نصيب الآخر ليتمكن من ادارته واعادة العمل والانتاج والتعامل مع بقية الشركات المجاورة، هذه باختصار قصة دولة الوحدة اليمنية المعلقة بين إخوة مختلفين، لا هم اقتسموها وكل واحد اشتغل لحاله، ولا هم اتفقوا على ادارتها.

لنفرض أن مبادرة #وحدة_حقيقية_أو_فك_ارتباط_آمن جائت من الرئيس السابق صالح كما يزعم البعض (وهذا غير صحيح طبعاً)، المفترض أن يتم الترحيب بها، وبالأخص من الإخوة في الجنوب، باعتبار أن صالح وصل الى قناعاتكم، وآمن بالواقع الجديد، وتخلى عن شعار (الوحدة أو الموت)، جبراً أو عن قناعة، والمفترض أيضاً أن لا تضيعوا الوقت في مناقشة السبب في هذا التحول، وتتجهوا للتعاون مع كل ما من شأنه شرعنة الواقع الذي فرضتموه، لكن هناك فوبيا لا تزال تسيطر على البعض، دائماً ما يفكر بنظرية المؤامرة، حتى عندما تتعاطف معه، أو تعترف بحقه، أو تسعى لشرعنته بعد أن فرضه هو بالقوة والسلاح، يرتاب ويشتغل ضداً على مصالحه، بوهم أن ما يأتي من الآخر فيه فخ، حتى ولو كان كامل حقه الذي يُطالب به من عقود، فلا هو بالذي تمكن من فك الارتباط وأعلن دولته من تلقاء نفسه ودون الحاجة لك، ولا هو الذي تلقف دعوتك ومد يده للتعاون من أجل تحقيق هدفه بشكل آمن ومنظم يضمن شرعنة واعتراف دولي بالوضع الجديد، ليرتاح الجميع من وضع شاذ، ومنزلة بين منزلتين، وتوضع النقاط على الحروف التي خطتها البنادق، هؤلاء البعض بحاجة الى معالجة نفسية، لفك الارتباط أولاً بينهم وبين جنون الارتياب (Delusion)...

حتى لو حسمت شرعية هادي الحرب، ودخلت صنعاء ورفعت العلم في جبال مران، وأسقطت سلطة الحوثيين وصالح، لن تُحل قضية الجنوب بحسب تطلعات مواطنيه، على العكس من ذلك سيتفرغ هادي والإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) وحلفائهم للقضاء على خصومهم في الجنوب، وسيدخلون عدن وباقي المحافظات الجنوبية بعد صنعاء، تحت نفس لافتة دخول صنعاء، الشرعية، وسيقمعون خصومهم، ونعود لنقطة الصفر، وندخل في دورة عنف جديدة في الجنوب، وما سيرافقها من تداعيات في الشمال.

لذا، وبدلاً من كل هذا التطويل، والانتظار، ودورات العنف والدماء، لماذا لا نتحدث عن سبب المشكلة الأساسي؟، وهو القضية الجنوبية، ونسعى للاتفاق على إطار لحلها، من الآن، عبر اقناع الفاعلين المحليين والاقليميين والدوليين بضرورة حل القضية الجنوبية الآن، في الوقت الذي كل الأطراف ضعيفة، وغير قادرة على الحسم العسكري، أما بعد الحسم فلن يُصغي لكم أحد، لا هادي ولا غيره، وإن انتصر الطرف الآخر، صالح والحوثي، وهذا مستبعد، لن يُصغوا لكم كذلك.... وصلت الرسالة أم أشرح أكثر؟.

#علي_البخيتي