قنبلة مطار عدن وإلغاء محاكمة المتهم ‘‘خليفة‘‘ رغم وجود ‘‘83‘‘ شاهدا (الحلقة العاشرة من كتاب اغتيال بريطانيا لعدن)

2016-12-26 09:23
قنبلة مطار عدن وإلغاء محاكمة المتهم ‘‘خليفة‘‘ رغم وجود ‘‘83‘‘ شاهدا (الحلقة العاشرة من كتاب اغتيال بريطانيا لعدن)
شبوه برس - خاص - عدن

 

اغتيال بريطانيا لعدن والجنوب العربي لرئيس الدولة الاتحادية ووزير المعارف سابقا- حسن عوبلي

عرض وتلخيص: د.علوي عمر بن فريد

الحلقة العاشرة

في قنبلة مطار عدن قتلت سيدة هندوكية كانت مع زوجها وطفلها متجهة على متن احدى طائرات الخطوط الجوية الهندية من بومباي الى نيروبي وتوقفت في مطار عدن للتزود بالوقود وقد نجا زوجها وطفلها بأعجوبة كما أصيب اربعة وخمسون رجلا معظمهم من الولايات.

 

وألغى المندوب السامي السفر ونقل الى المستشفى مع نائبه والمصابين، وقد توفى المستر جورج هندرسون في المستشفى.

اما رئيس الوزراء زين باهارون فقد عاد الى عدن مع بعض وزرائه ولم يقم حتى مجاملة بالعزاء والمواساة في ضحايا الحادث والمصابين.. ربما لأن العملية لم تنجح!!

 

وقد كان العداء واضحا بين باهارون وتريفاسكس الذي اعفته الحكومة البريطانية من منصبه وهو لم يكمل تسعة اشهر بدلا من اربعة اعوام!!

 

القبض على المتهم:

خلال ثلاث ساعات تم القبض على الجاني خليفه عبدالله حسن خليفه الذي تمت مشاهدته وهو يقذف بالقنبلة من نافذة في غرفة اللاسلكي بالمطار وبلغ عدد الشهود83 شاهدا!!

 

اعلان حالة الطوارئ:

في ثورة غضب أمر المندوب السامي إعلان حالة الطوارئ في عدن وتفويض سلطات الأمن الاتحادية باعتقال من تشاء!!

وقد وقع القرار رئيس المجلس الأعلى الاتحادي لتلك الدورة السيد عمر عبدالعزيز شهاب الا انه سافر الى بيروت في نفس الاسبوع وعقد مؤتمرا صحفيا تنصل فيه من القرار وقد ذكر لي السيد شهاب ان سبب استقالته آنذاك من رئاسة المجلس ان المندوب السامي اساء استعمال القرار فلم يأمر باعتقال الجناة او المحرضين بل اعتقل حوالي مائة من الزعماء السياسيين العدنيين والصحفيين الذين كانوا يعارضون سياسته ومن بين المعتقلين الأمين العام للمؤتمر العمالي واعضائه والأمين العام لجماعة الاخوان المسلمين والأمين العام المساعدة لرابطة الجنوب العربي كما اعتقل عدد من القياديين في الجمعية العدنية والحزب الاتحادي ومن التجار!!

 

والأسوأ من ذلك نقل المعتقلين من عدن الى سلطنة الفضلي مما أثار ثائرة حكومة عدن واصطدامها بالمندوب السامي البريطاني!!

وقد وجه السيد زين باهارون رئيس وزارء عدن مع كافة وزرائه انذارا الى المندوب السامي مالم يفرج عن المعتقلين خلال 24 ساعة فإن الحكومة العدنية ستسقيل وتترك المندوب السامي يواجه العاصفة الشعبية وحيدا، كما قدم اعضاء المجلس التشريعي العدني انذارا مماثلا!!

 

وعندما علم من جهاز الأمن أن سيارات تجوب الحي التجاري وتوزع السلاح على الأهالي حيث تقيم مجموعات كثيرة من البريطانيين بادر الى الاتصال بلندن فأبلغ بتجنب أي صدام مع حكومة عدن وتم نقل المعتلقين إلى العاصمة الاتحادية وتم اطلاق سراحهم بعد اسبوعين!!

 

اما بشأن السيد خليفه فقد قدم من بريطانيا ضباط من اسكوتلانديارد للتأكد من التحقيق ووجدوا أنه قام عمدا بإلقاء قنبلة المطار ورفعت القضية الى محكمة الجنايات العليا.. وبالفعل قدم المحاكمة ولم تدم للمحاكمة اكثر من عشر دقائق انتهت بمهزلة حيث أخلى سبيل السيد القشبري وهو الشاهد الرئيسي في القضية وقد اخلى سبيله قبل يومين من بدء المحاكمة وذهب الى اليمن وعندما طلب رئيس المحكمة حضوره لاستجوابه اجاب النائب العام ان القشبري قد ادلى بشهادته امام قاضي التحقيق ولكن رئيس المحكمة اصر على حضور الشاهد فأعتذر النائب العام من حضوره وهنا أوقف رئيس المحكمة العليا القضية واعتبرها مغلقة وأمر بالافراج عن السيد خليفة لعدم توفر الاثبات، ولا تزال الطريقة التي استخدمت لغزا حتى الان !!

 

وماكاد خليفة يغادر ساحة المحكمة حتى ألقت القوات العدنية القبض عليه تحت قانون الطوارئ لا بتهمة القتل وبذلك خلق المندوب السامي من السيد خليفة زعيما وطنيا كبيرا!!

 

ذئاب ردفان الحمر:

في اواخر عام 1963م بدأ نزاع بين حكومة الضالع وعشيرة ردفان الصغيرة التابعة لها التي لا يزيد عدد سكانها عن الفي شخص بعد ان فقدت ردفان جزء من دخلها الجمركي وطالبت امارة الضالع بالتعويض ورفض طلبها ثم اعلنت ردفان التمرد المسلح وقطعت المواصلات البرية ووجهت حكومة الاتحاد حملة عسكرية على ردفان لاخضاعها ولكنها صدت، وقد تدخلت حكومة صنعاء فأرسلت العتاد والسلاح لتتمكن ردفان من مواصلة الحرب، فأمر المندوب السامي البريطاني تريفاسكس بتوجيه حملة عسكرية بريطانية كبيرة عام 1964م على ردفان مع سلاح الجو البريطاني ومنيت القوات البريطانية بالهزيمة تلو الهزيمة على يد جماعة من  المحاربين لا يزيد عددهم عن خمسمائة محارب واطلق البريطانيون على مقاتلي ردفان "الذئاب الحمر"!!

 

ولما كان البريطانيون يجهلون جغرافية المنطقة ووعورتها فقد ازداد عدد ضحاياهم ولم يستفيدوا من الدبابات والسيارات المصفحة وقد وقع العبء على المشاة البريطانيين الذين تطايرت رؤوسهم بفعل القناصة والخناجر احيانا من خلف الصخور وعاد الضباط والجنود البريطانيون منكسي الرؤوس يجرون عار الهزيمة اما النتائج البعيدة لأثر حرب ردفان فقد شجعت القوى المعارضة لبريطانيا في الجنوب العربي على تحريك مبدأ "الكفاح المسلح" وهو مبدأ غريب ودخيل على المنطقة، وبإيعاز من بعض الدول العربية وتشجيعها السياسي والمادي والاعلامي نشأت "الجبهة القومية" وانتقل قحطان الشعبي وطابوره الى تعز للعمل على تخريب الجنوب العربي ولم تقم الجبهة القومية بأي نشاط لها الا بعد فشل مؤتمر لندن الدستوري عام 1964م، وهكذا بدأت الحلقة الثانية من المأساة الدموية.

والى اللقاء في الحلقة الحادية عشره..

*- للإطلاع على الحلقة التاسعة : اضغـــــــط هنــــا