أيــام الأيــام..أدخلوا الكهرباء إلى مدينتهم الشحر.. فكافئوهم إهمالاً

2016-04-05 05:29
أيــام الأيــام..أدخلوا الكهرباء إلى مدينتهم الشحر.. فكافئوهم إهمالاً

السلطان عوض القعيطي يتفقد أقسام ورشة التوليد الكهربائي وبجانبه الشيخ محمد عبدالله باعباد يشرح له خطوات التأسيس

شبوه برس - خاص - الشحر

 

 

كانت مدينة الشحر في ذلك اليوم المذكور من تاريخها العريق تحتفل بيوم تاريخي من أيام عمرها المديد، في ذلك اليوم من أوائل الستينات من القرن الماضي، احتفلت الشحر بدخول عصر الكهرباء، وما كانت لتحتفل أو ترى منازلها هذا النور لولا نفر من الرجال المخلصين من خيرة أبنائها، تداعوا فيما بينهم قبل ذلك اليوم المشهود ليكتتبوا ويؤسسوا شركة أهلية بنظام الشركات المساهمة، تحت اسم الشركة الوطنية للكهرباء بالشحر.

 

جهود جبارة بذلها أولئك الرجال الأفذاذ، الذين قل نظراؤهم في هذا الزمن، تأسست الشركة وجمع رأس المال، أنشأوا المبنى والورش واستوردوا المولدات والأعمدة والكابلات وكل لوازم هذه الصناعة الجديدة، استقدموا مهندساً من الهند ودربوا عشرات الفنيين من أبناء المدينة.

 

كان يوم افتتاح الشركة وبدء الإنارة العصرية عيداً وطنياً في المدينة أقام الأهالي لأجله الزينات واحتشدوا أمام مبنى الشركة في حفل بهيج حضره سلطان الدولة القعيطية الحضرمية وقتها؛ السلطان عوض بن صالح القعيطي رحمه الله، ووزير السلطنة السيد أحمد محمد العطاس ونائب لواء الشحر الشيخ عبدالخالق عبدالله البطاطي رحمه الله، ألقيت الكلمات وجرى تدشين المشروع كمشروع أهلي من رأسه حتى أخمص قدميه.

 

منذ ذلك اليوم، امتدت خدمات الشركة إلى كل أحياء المدينة، وبعد عامين استوردت الشركة مولداً جديداً وهكذا سطر أولئك الرواد قصة نجاح وملحمة كفاح. في أوائل السبعينات جرى تأميم الشركة الوطنية للكهرباء بالشحر، وضمت أصولها إلى القطاع العام ضمن ما أصبح يسمى منذ ذلك الحين بالمؤسسة العامة للكهرباء، صحيح أن الكثير من التطوير لقطاع الكهرباء حدث بعد ذلك خاصة بعد إنشاء مشروع كهرباء الخمس مدن عام 1987م لكن المؤسسين والمساهمين للشركة الأم لم يحصلوا، حتى الآن، على رد الاعتبار والتعويض وانطبقت عليهم المقولة الشهيرة لكارل ماركس في أن التاريخ يكرر نفسه مرتين، المرة الأولى كمأساة والمرة الثانية كملهاة.

 

فمع عودة الوعي والإعلان عن نية الدولة تصحيح أخطاء الماضي، بحث من تبقى على قيد الحياة من أولئك المؤسسين في السجلات المخبأة، كما وجد المساهمون وورثتهم عشرات القسائم والكوبونات للأسهم التي اكتتبوا بها في الشركة.

 

مبنى الشركة لازال قائماً شاهداً على الجحود، فقد أصبح بعد انتقال فرع المؤسسة العامة للكهرباء إلى الموقع الجديد الذي أقيم ضمن مشروع كهرباء الخمس مدن، مخزناً للمعدات التالفة ولحديد الخردة.

حفل تدشين المشروع وقد كتب برنامجه وتسلسل الكلمات الملقاة على سبورة مدرسية بالقرب من المنصة

 

حفل تدشين المشروع وقد كتب برنامجه وتسلسل الكلمات الملقاة على سبورة مدرسية بالقرب من المنصة

 

وإذا كان الشيخ الراحل محمد عبدالله باعباد، رئيس اللجنة المؤسسة للشركة قد قضى خمس سنوات كاملة من حياته في مطلع الشباب وهو يسعى مع زملائه المؤسسين (الشيخ عبدالله أبوبكر مهدمي، الشيخ محمد علي جواس، الشيخ عبدالرحمن سالم باجرش رحمه الله، الشيخ علي سلمان شامي وآخرون لا أتذكرهم الآن) بكل تفان وإخلاص لتأسيس هذه الشركة فإنه قد قضى أكثر من عشر سنوات بعد ذلك، وهو في أواخر الكهولة ومبتدأ الشيخوخة، يتابع كل الجهات بعد تحقيق الوحدة لرد اعتبار الشركة الموءودة وتعويض ملاك الأساهم أو ورثتهم، ولكن دون جدوى.

 

وكما أخبرني زميلنا العزيز نجله خالد محمد باعباد، أن والده الراحل لم يطق عناء المتابعة في الأشهر الأخيرة قبل رحيله عن هذه الدنيا الفانية وحمل كل السجلات المتعلقة بالشركة إلى مقر غرفة تجارة وصناعة حضرموت فرع الشحر، ليلقى ربه بعد ذلك في 30/3/2002م عن 83 عاماً قضاها في العمل الجاد والعطاء النبيل.

 

*- بقلم - محمد سالم قطن – باحث وكاتب سياسي الشحر حضرموت