السلامة في حياتنا اليومية .. الخلط بين السلامة و الأمن

2016-01-30 19:15
السلامة في حياتنا اليومية .. الخلط بين السلامة و الأمن

 

كلمة السلامة... نستخدمها بشكل يومي ونرددها بصيغ مختلفة مثل... مع السلامة , ، تعود بالسلامة ، تصحبك السلامة. فالسلامة , في الوعي الشعبي بشكل عام , تعني الصحة وتعني العافية وتعني الأمن و الأمان و الطمأنينة , و توفر الحماية و تجنب الأحداث المضرة بالفرد . و يترافق مع كلمة السلامة كلمتين أخريين هما الأمان و الأمن... حتى يكاد المرء أن يخلط بينهما و السلامة.

 

و كما سنرى فالسلامة و الأمان هما نفس الشئ و يطلق عليهما باللغة الانجليزية كلمة Safety , و يطلق على "حزام الأمان " في السيارة و الآليات الأخرىSafety belt . و الأمان يعني أيضا العهد... مثلما أن نقول " لا أمان له... أي لا عهد له ". أما الأمن فهو مختلف تماما و يقابله باللغة الانجليزية كلمة Security. و حتى نزيل الخلط بين السلامة و الأمن ؛ فإن السلامة تعني اتخاذ الاحتياطات ضد الحوادث و الأضرار الغير مقصودة . أما الأمن فيعني اتخاذ الاحتياطات ضد الحوادث و الأضرار المقصودة .

 

السلامة اصطلاحا ؛ تعني توفر الأدوات و الأجهزة و المعايير و الأجراءآت للوقاية من خطر محدد... و هي أيضا اتخاذ الاحتياطات الوقائية لمنع الحوادث والدمار... و كلها مجتمعة من أجل المحافظة على الأرواح والممتلكات والبيئة.... إلخ. ومع التطور والتقدم الصناعي والتقني ... و تنوع الاهتمام بالمعدات و الأدوات و التكنولوجيات التي يتعامل معها الفرد منا بشكل يومي...في البيت و العمل و الشارع و السفر . فقد تضاعف الاهتمام بعوامل السلامة نظرا لكثرة المخاطر المترتبة من التعامل مع تلك التقنيات التقليدية و الحديثة.

 

من يزور قسم الحوادث في أي مستشفى كبير سيعرف كم هي الحوادث التي تحصل ؛ و الناتجة عن عدم الأخذ بمعايير السلامة. فمن حوادث العبث بالسلاح الناري و الرصاص الراجع التي تؤدي إلى الإصابات البليغة أو القتل , او حوادث السقوط من السيارات أو الجرارات الزراعية... أو حوادث التعامل مع الآلات الحادة و التي ينتج عنها بتر الأصابع أو أنواع أخرى من الإصابة. و الحوادث التي تنتج عن التعامل مع المضخات الزراعية ذوات البطات (السيور ) بسبب ألبسة المشغلين ذوات الأطرف... و حوادث الحرائق في مطابخ البيوت و المطاعم و الصعق بالكهرباء .... و حوادث شفط الديزل و البترول من البراميل... التي تؤدي إلى مشاكل حادة في الجهاز التنفسي. كما أن حوادث السيارات متنوعة مثل استخدام السيارات بإطارات مهترئة ... و انشغال السائق بالهاتف الجوال, أو بالحديث مع الركاب و عدم لبس حزام الأمان (إحصائيا ؛ الإصابات أقل فيمن يلبسون حزام الأمان مقارنة بدونه). كما أن إيقاف السيارة بشكل خاطئ على ناصية الشارع أو الطريق و ترك الأبواب المواجهة لحركة السيارات مفتوحة تؤدي إلى حوادث شائعة. كما أن عدم التقيد بإشارات المرور (في الأساس هي إجراءات للسلامة) عامل مهم في حصول الحوادث. و في الورش تجد حوادث التعرض اللحام رؤية و شررا و الإصابة بالقطع الحادة المتناثرة . و في مسألة الطعام و الشراب...تحصل حوادث عديدة مثل التسمم الغذائي...إلخ. و في البناء فإن مخلفات البناء من أخشاب حادة و مسامير تبقى همّا لسنوات بعد الانتهاء من البناء. و هناك حوادث السلامة الناتجة عن الضوء الشديد و الخافت , ودرجة الحرارة العالية أو المنخفضة جدا. كما أن التلوّث بكل أشكاله مسبب هام للحوادث المرتبطة بالسلامة. و هنا لا أنسى الحوادث التي تقع للأطفال أو يسببونها و أترك للقارئ أن يتذكر ما قد حصل لأطفاله أو أقاربه من تلك الحوادث.

 

التوعية بأهمية التحلي بأخلاق السلامة

في مسألة الوعي بالسلامة يتساوى الفقير و الموسر و الجاهل و المتعلم. و من المؤسف أن المتسببون بهذه الحوادث...نفسيا يتنصلون من مسؤوليتهم في حدوثها..فيلقون باللائمة على الله... متعللين بأنها قضاء و قدر ؛ ويقول الواحد منهم إن الله قدّر عليه ما حصل , و لا يشعرون بتأنيب الضمير على عدم أخذهم بأسباب السلامة. و ينسون قوله تعالى .. " و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ", و بالمقابل فإن الفرد ؛ لو قام بعمل فيه مديح و فخر و إنجاز , فإنه ينسى أن يقول إن الله قدّر له أن يقوم به , فتجده يتحدث مع أقرانه بزهو و خيلاء لما قام به.

 

أما من يتاح لهم العمل في الشركات الأجنبية أو مقاوليها بالباطن فيتعجبون من إجراءات السلامة المتبعة... في العمل و السكن و المطاعم و مواقع المشاة و الملاعب. و يرون مخارج الطوارئ في المباني و خطط لإخلاء الموظفين و نقاط التجميع في الطوارئ. كل تلك المظاهر لا نراها في مبان الحكومة. و يشير قانون البناء اليمني رقم (19) لسنة 2002 إلى السلامة , بشكل سريع , في أربعة مواضع فقط... و يشير إلى ضوابط بناء السلالم (أي الدرج ) و المصاعد على حسب ارتفاع المبنى , لكنه لم يشر إلى مخارج الطوارئ. رغم أن بعض المبان التي يأمل أصحابها تأجيرها للشركات توجد بها معايير سلامة أفضل و منها مخارج الطوارئ.

و من خلال التمعّن في الحوادث والإصابات تجد أن السبب الأول والمشترك فى كل الحوادث هو عدم الالتزام بشروط السلامة ؛ بمعنى أن السبب الأساسى هو عدم معرفتها إما بشكل تام أو عدم معرفة كيفية الحصول عليها أو عدم الاهتمام بها. مما يعنى انه توجد لدينا أمية فى مبادئ السلامة هذا بالنسبة للمجتمع ككل.

 

ختاما... وصلت الدول المتقدمة إلى مرحله عالية في بناء و استيعاب ثقافة السلامة و الوقاية الفردية ...و نحن لازلنا إلى الآن فى مستوى متدن أو بالأحرى لازلنا نكافح فى محو أمية السلامة.

و الرسم المرافق لمنشوري هذا لرسام الكاريكاتير الليبي الشهير المرحوم "محمد الزواوي " و يعود لفترة السبعينات.

 

*- المراجع : تجربة الناشر و بتصرّف لمواضيع من مواقع انترنتيه .