من قناديل عدن : السيد ‘‘عمر الرخم‘‘ .. إغتالته عناصر الجبهة القومية الغادرة

2015-12-22 05:25
من قناديل عدن : السيد ‘‘عمر الرخم‘‘ .. إغتالته عناصر الجبهة القومية الغادرة
شبوه برس - خاص - عدن

 

من فدائيين جبهة التحرير..هذا هو الفدائي والمبدع الدرامي والمخرج المحترف عمر الرخم .

(كرس حياته وعمره فداء للوطن، وحلق في سماء الابداع، فتألق ايما تألق، ولكن ابت ايادي الغدر، ان تغتاله كما اغتالت المئات من مناضلي جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل، في الحرب الاهلية الثانية في 1967، في مقبرة دار سعد، بعد نزوح الفدائيين اليها، وبعد تامر الجبهة القومية وجيش الليوي والانجليز، في القضاء على كافة الفدائيين، وقليل منهم وصل تعز الواقعة في المحافظات الشمالية، بعد ان وصل اليها مشيا على الاقدام، اما من تبقى في عدن فقد نالهم مثل ما نال ابناء عدن، من اقصاء وتهميش، وفي سجون رهيبة لا ترحم، هذه قصتي معه)

(جميل محسن).

 

عمر الرخم كما عرفته:

عندما انتقل والده السيد عبدالله الرخم وهو رجل فاضل، مع ابنائه واسرته، الى حي القاهرة بالشيخ عثمان في الحارة التي تقابل ما كان يطلق عليه بالمسبح، ومع مرور الايام تعرفت على ابنائه عمر وعلي ومنصور وحسن، وكان عمر حسب اعتقادي الاكبر فيهم ,ويكبرني بنحو ثمان سنوات، كان عمر رحمه الله في رواحه ومرواحه من عمله لا يمر الا من الحارة (الحافة) التي نسكن فيها، وله العذر في ذلك فلعله كان يرى في المرور من هذه الحارة ما يذكره بشيء جميل في حياته، وبعد ذلك كان كلما مر ورآني جالسا اما بيتنا، يقف ثم يبدأ بفتح حوار بيننا، وكان معظم حديثه حول عمله في الشرطة (البوليس) وفي اعماله الدرامية التي كان يقدمها بالتلفزيون، والحقيقة انني بدأت اتابع اعماله من خلال هذه النقاشات التي تكون احيانا سريعة، بعد ذلك توطدت الصداقة الى درجة انني اكتشفت فيما بعد انه احد فدائيي جبهة التحرير، كان عمر الرخم رحمه الله، من الشباب الذين انخرطوا في صفوف العمل المسلح كأحد المقاتلين في جبهة التحرير ثم في فرقة سند والرسول، واحدة من اربع فرق شكلت التنظيم الشعبي للقوى الثورية، وكان قائد تلك الفرقة محمد ناصر القرح، واسمه التنظيمي (مختار)، ولأسباب ليس ذكرها هنا مرت المنطقة بأحداث مؤسفة، فبدلا من ان يوجه الثوار فوهات بنادقهم إلى صدور قوات الاحتلال، وجهوها إلى صدور بعضهم بعضا فانفجرت حربان أهليتان، الأولى كانت في أغسطس 1967، والثانية في نوفمبر من نفس العام، وحسمت باعتراف قيادة الجيش الاتحادي بالجبهة القومية في 6 نوفمبر 1967، كنت شاهدا على هاتين الحربين، رغم صغر سني، وعشت قسوة هذه الحرب الاهلية، وكيف بعد ان كادت جبهة التحرير ان تحسم الامر لصالحها، كيف تدخل ناصر بريك العولقي قائد الجيش الاتحادي لصالح الجبهة القومية، وبسبب ذلك بدأت قوافل من اعضاء جبهة التحرير الانسحاب من المنصورة ثم الى الشيخ عثمان ومن ثم الى دار سعد، واخيرا الى تعز مشيا على الاقدام بعد مطاردة الجيش الاتحادي والجبهة القومية لهما حتى اخر الحدود، استشهد عمر الرخم الذي كان يقود مجموعة فدائية في منطقة دار سعد وتحديدا في مقبرة دار سعد بالقرب من مسجد شيخان في الحرب الأهلية الأولى، وقد ذكر لي حينها احد المشاركين في هذه الحرب الاهلية ان الشهيد استشهد في مقبرة دار سعد من احد قناصي الجبهة القومية، عن عمر ناهز الخامسة والعشرين عاما ، بعد مشوار كفاحي إبداعي وعسكري، مخلفا وراءه رصيدا من الأعمال المسرحية (مؤلفا ومخرجا وممثلا) إلى جانب رصيد من الأعمال العسكرية، وخلف أيضا أرملة وثلاثة أبناء خالد وشكري وأحمد.

 

تلقى السيد عمر الرخم مرحلتي دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدارس عدن، وأكمل عاما واحدا فقط من دراسته الثانوية ليعين أسرته، والتحق بالسلك العسكري جنديا متدربا بقسم الموسيقى، التابع لجيش محمية عدن (APL) (الليوي)، وخلال السنوات الأربع التي قضاها في الموسيقى العسكرية، تمكن عمر الرخم من إجادة العزف على آلة البوق والطبل وآلة السكس فون، ثم انتقل في بداية العام 1962 إلى (الشرطة المدنية)، وأصبح يجيد الإنجليزية كتابة ونطقا، في كتابه المرجعي (سبعون عاما من المسرح في اليمن)، كتب الاستاذ سعيد العولقي عن عمر الرخم في الصفحات (160-151 و 183-176)، عمر الرخم رحمه الله علاوة على موهبته الفطرية في التأليف رغم ثقافته المحدودة، ممثلا بارعا وعاشقا أصيلا للفن المسرحي، وقد شكل فرقة للتمثيل سميت (نادي الجنوب للتمثيل) في منطقة الشيخ عثمان من مجموعة من الشباب من هواة التمثيل والمسرح، وكنت أحد أولئك الشباب، وكان يرأس الفرقة أو يدير نشاطها، ويؤلف أعمالها الدراسية ويقوم بالأدوار الرئيسية في تلك الأعمال، ولقد قدمت الفرقة بين عامي 1966 و 1967 ست مسرحيات في برنامج مسرح التلفزيون ومسرحية واحدة على خشبة المسرح باسم (من على امسوم) وهي كوميديا سياسية ساخرة باللهجة الريفية، أدت بعد عرضها إلى اعتقال أعضاء الفرقة للتحقيق معهم بسبب خروج المسرحية عن المألوف وتعريضها بالسلطة الحاكمة، كما تميز الرخم في توظيف اللهجة الريفية ويعتبر عمر الرخم بحق رائد ذلك اللون من المسرح، وأول من قدمت له مسرحيات ناجحة باللهجة الريفية، برغم صعوبات الكتابة باللهجة وتعدد لهجات مناطق الريف اليمني، رغم ذلك فتح عمر الرخم الباب واسعا أمام دخول اللهجة الريفية إلى المسرح، ودخولها بالتالي إلى قلوب المشاهدين، ومما اذكره من المسرحيات والاعمال الدرامية التي قدمها لتلفزيون عدن، وارجو شاكرا من مدير تلفزيون المهندس محمد احمد غانم ان يبحث لنا عن اعمال هذا المبدع الفدائي ويعيد نسخها وبثها للجمهوركما عمل في تمثيلية (هدى البديلة)، من اعمال عمر الرخم ( بنت امربيع والأرملة وابن الشيخ وأبو الويل والبريء والضحية وجحيم الشك وأنا الجندي)، بالإضافة إلى بروز عمر الرخم كممثل جيد، لمع اسم نور الهدى أحمد بن أحمد، كممثلة موهوبة من الدرجة الأولى، علاوة على إتقانها اللهجة الريفية، وهي اللهجة التي قدمت بها تلك الأعمال جميعها باستثناء مسرحية (البريء والضحية).

 

هذا هو الفدائي والمبدع الدرامي والمخرج المحترف عمر الرخم، لقد سبق لي وان كتبت عنه بتفصيل اكثر في صحيفة 14 اكتوبر في التسعينيات من القرن الماضي، الا انني لا اعلم اين ذهب ذلك المقال، واليوم اعيد ذكراه مع رسم لصورته بريشة الفنان فواز ارناوؤط بصحيفة (البيان).

 

*- من بدر الدين هندا – عدن