من رجال الجنوب : الأمير شعفل بن علي شايف

2015-11-23 05:15
من رجال الجنوب : الأمير شعفل بن علي شايف
شبوه برس - خاص - الضالع -

 

قابلت هذه الشخصية العريقة والرائعة والمتواضعة أمير الضالع شعفل بن علي شايف أطال الله بعمره ، قابلته مرات عدة في بيته العامر في مقر إقامته في جدة ،وفي كل مرة كان يتحفنا باحاديث الذكريات عن الضالع وكأن الضالع متيمته وملهمته.

 

لا غرابة في ذلك فلقد عشق الضالع حتى توجع قلبه والتوت اضلعه وهام بها واحبها بل ملكت عليه كل مشاعره وهواجسه، وعندما نحب الارض فاننا هنا لا نعني صخورها ورمالها وترابها بل أهلها وانسانها .

في احد المرات وقرب موسم الحج زرته الى منزله العامر في جدة ، فوجدت البيت يزدحم بحجاج وفدوا من الضالع ، كانت الذكريات حديثهم واللطف سميرهم والاسف لحن حروفهم .اتوا الى أميرهم ولم يفكروا ابدا في السكن في بيوت زملائهم ومعارفهم في جدة بل آثروا السكن في بيت ألامير شعفل بن علي شايف اطال الله بعمره .

 

سلمت عليهم حينها ، وتاملت في تلك الوجووه الخيرة وسالت احدهم هل شعرتم بخطاء فيما افتعلتموه في حق الاخيار؟ فلم يتغير الامير شعفل فهو اليوم كما عهدتموه ولكن أنتم من تغيرتم يومها ! واسال كيف أنتابتكم تلك المشاعر المخيفة والقساوات العدمية نحو اخياركم ونحو بعضكم البعض؟ وكان الجواب لن يكفي الأعتذار فلقد كان المصاب جللا والتحاقد حينها كان الشعار السائد والمهيمن ولقد هبت علينا رياح الحقد والغل والعنف فاتت علينا جميعا .

 

كنت الاحظ الامير شعفل يجد متعته ووقته وهو ويسترسل في أحاديث الذكريات عن منطقته وذكرياته وتاريخ الضالع أو امارة الضالع التي تسنم منصب امارتها شابا واصبح اميرا عليها ، والضالع أمارة كبيرة ولكن لا زلت اتذكر حينها عاصمتها مدينة صغيرة تنام وادعة تحتل كنف جبل يسمى(الحيد) .

 

في عهدة تحولت تلك -الضالع- الوادعة الى مركز تجاري نشط متوثب، مركز يخدم كل مناطق الجوار مشيخة المفلحي ومشيخة الشعيب بما فيها مناطق الشمال قعطبة ودمت وإب وتعز ،كما ازدهر التعليم في الضالع وبنيت المستشفيات ودار الضايفة والمحاكم ومراكز الامن والشرطة والمرور ومراكز الارشاد الزراعي ،وازدهر التعليم بشكل ملفت، ولقد تعلمت في مدارس الضالع حينا من الوقت وكانت تحشد مدارسها نخبة من افضل الاساتذه الذي تعاقدت الامارة معهم من السودان الشقيق.

 

وعن إزدهار التعليم فقد تخرج العديد من الطلاب من كلية البيومي وكلية الاتحاد ،وهم نخب من طلاب متفوقين وموهوبين ومنهم شقيق الامير شعفل الطالب الموهوب خريج كلية البيومي الامير هادي بن علي شايف أطال الله بعمره وهو حكاية ذكاء ومثابرات ومجالدات تتلى، حيث نال درجات الشرف في الجامعة الامريكية في بيروت وكذلك جامعة لندن تخصص اقتصاد وبنوك وكان ان تسنم منصب مدير عام اكبر بنوك السعودية البنك الاهلي التجاري . وكنت قد رشحته مرارا ليتسلم منصب وزير المالية في الوطن .

 

وعن الأمير شعفل امير الضالع فالحكايات تطول وتترى عن شخصيته ومآثره ولكنني أعود واذكر القراء من ان الضالع في عهده كانت تعيش ازهى ايامها وكان الامير قد اسس لمركز زراعي وجلب خبراء من الاردن للعمل في هذا المركز كما شهدت ايامه بداية نهضة زراعية ونهضة ادارية ولقد دشن حينها اكبر مبنى اداري في ولاية جنوبية فصارت الضالع يومها امارة زاخرة تعتمد على نفسها وعوائدها في تسيير امورها و تتوثب الى المستقبل بكل حماس وتوق .

 

اعود واقول لقد زرت مدينة الضالع عاصمة محافظة الضالع وعرّجت زائرا على منزل الامير شعفل بن عيل شايف في مرتقى -الحيد- وذلك بعد عودتي من المنفى فتعجبت في سر بساطة البناء وخلوه من اي مظاهر الترف واعمال النقش والزجاج المُعشقْ، وكان حينها الامير شعفل في سعة من امره وبامكانه ان يشيّد قصرا فارها كقصور الباشوات في مصر ،ولكن كما كان ولا يزال يردد- ان البيوت ليست للفخر والتباهي بل جدران تضمنا وتحمينا من الريح وتظل رؤوسنا من وهج الشموس .

 

تلك روح الأخيار والزٌهاد روح المتبتلين الذين يسكنهم التواضع ويقتربون من تراب الارض كما يقولون هنا في كندا . هولاء نبحث عنهم اليوم فلا نراهم وما نراه في قادتنا هو الكٍبر والخيلاء والفخروالتعالي

 

تعالوا الى بيت الامير شعفل ، بيت تئز فيه الرياح وخلت غرفه ومجالسه و جدرانه من اي مظاهر البهاء والرونق حجر وطين ولا سواه ! واذكر بما قاله أمير المؤمنيين عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه لتلك السيدة التي سخرت وقالت -وجئت لأعمر بيتي من هذا الخراب ! فكان رد الخليفة العادل والله يا اختاه ما تخرب هذه البيت الا ليبني بيوت المسلمين .

 

*- بقلم فاروق المفلحي

 

 

*- الصورة للامير شعفل بن علي شايف اطال الله بعمره من اليمن في الوسط شقيقة الامير محسن بن علي شايف رحمه الله وفي اقصى اليمين قائد الحامية -الجيش البريطاني- في الضالع . قام بارسال الصورة الينا الشيخ والكابتن جمال قاسم يحيى المفلحي . ديترويت .