الجفري: الجنوب لم يكن يوما جزءًا من اليمن.. وعاصفة الحزم جاءت في وقتها (حوار)

2015-04-28 07:19
الجفري: الجنوب لم يكن يوما جزءًا من اليمن.. وعاصفة الحزم جاءت في وقتها (حوار)
شبوة برس - متابعات- القاهرة

 

حوار – سارة عرفة:

يرى رئيس حزب رابطة الجنوب العربي الحر عبد الرحمن بن علي بن محمد الجفري أن عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن هي "حرب دفاع عن ما تبقى من "عروبة" للانطلاق إلى استعادة المكانة العربية في الأرض العربية".

ويضيف الجفري في حوار عبر البريد الإلكتروني مع مصراوي أن "اختزال القضية على أنها صراع بين المملكة العربية السعودية وإيران، وطرحه في هذا الإطار هو خطأ قاتل لأي أمل عربي في استعادة ولو شيء من كرامة الأمة".

وأكد الجفري "أن ما يجري هو أمر مصيري للأمة العربية ولا سبيل إلا النجاح الكامل وأي تراجع أو قبول بأنصاف الحلول سيشكل انتكاسة كارثية ستعاينها الأمة لأكثر من جيل قادم".

وأوضح الجفري في الحوار قضية الجنوب ومطالب الحراك الجنوبي الذي يطالب منذ سنوات بتأسيس دولة منفصلة في الجنوب، "الذي لم يكن في يوم من الأيام جزءا من أي دولة يمينة"، كما يقول.

وتحدث الجفري أيضا أن "بناء دولة في الجنوب العربي أمر ممكن ولكن بناء دولة في "اليمن الشقيق"، وإلى نص الحوار.

مصراوي: هل تواصلتم في الحراك الجنوبي مع أي دولة عربية بشأن إنشاء دولة في الجنوب؟ وإذا كنتم تواصلتم، ما هي تلك الدول وما هي وجهة نظرها؟

الجفري: القضية الجنوبية ليست وليدة اليوم، ولم تأتِ بها الأحداث الجارية.. فهي وليدة حرب 1994 م وما تلاها من ممارسات احتلالية واضحة، وقدم شعبنا قوافل من الشهداء والجرحى والأسرى في نضال سلمي لم يرفع فيه سلاحاً، وكل تلك الممارسات القمعية كانت لكسر إرادة شعب الجنوب العربي وقمع فعالياته السلمية، وعجزت كل أساليب القمع.

 

ما يحدث اليوم وبرز على السطح هو نتيجة لانقلاب ميليشيات الحوثي على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي كرئيس لليمن، وهذه المليشيات الحوثية مدعومة بالترسانة العسكرية التي بناها الرئيس السابق علي عبد الله صالح على مدار 33 عاماً، والتي عقيدتها القتالية الولاء له وللرموز العسكرية من قبيلته أو الموالين له.

ما يحدث اليوم وبرز على السطح هو نتيجة لانقلاب ميليشيات الحوثي على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي كرئيس لليمن

جاء هجوم تلك القوات الحوثية المدعومة بالقوات المسلحة التابعة لصالح، على الجنوب ليثبت بما لا يدع مجالا للشك الحقائق التالية:

 

1- أن الجنوب العربي بالنسبة لهم هو أرض محتلة وجاؤوا لتكريس احتلاله.

2- أن لا وجود فعلي مطلقاً للجنوب في قواتهم المسلحة سوى أفراد بمسميات قيادية لا قيمة لها أو سلطة، ولأن الرئيس عبد ربه هادي جنوبي فلا سلطة له حقيقية على الجيش أو الأمن اليمني، ولم يدافع عنه عند وضعه تحت الإقامة الجبرية بصنعاء، وكذلك رئيس الوزراء ووزير الدفاع، فالجميع لم يجد أي منهم من يحميه من أمن أو قوات مسلحة، حتى في عدن لم يجد لا الرئيس ولا وزير الدفاع ولا قائد المنطقة العسكرية ورئيس الأمن القومي وغيرهم من المسميات القيادية الجنوبية، من يحميهم من الجيش أو الأمن في عدن والجنوب كله.

3- إن الهجوم والاعتداء على الجنوب هو من قبل ميليشيات الحوثي وقوات علي عبد الله صالح من اليمن الشقيق، والمعارك الدائرة فيه اليوم هي بينهم وبين المقاومة الوطنية الجنوبية التي تدافع عن الأرض والعرض والكرامة، ومرت كل تلك الجحافل من القوات الغازية بدون مقاومة تذكر في المحافظات اليمنية، عدا ما تم بشكل محدود في البيضاء ويتم الآن في تعز ومأرب والناتج عن صراع على السلطة بين مراكز قوى يمنية، وأيضاً باعتبار ما جرى منذ 21 سبتمبر 2014م، انقلاباً على الشرعية، وهذه الميليشيات الحوثية ، وقوات صالح، تمارس مع الجنوب كل أساليب المحتلين، فيقصفون العمارات والمساكن والمساجد وخزانات المياه والكهرباء، ويقتلون النساء والأطفال، ويطلقون النيران على سيارات الإسعاف والمسعفين، ويخطفون عمال الإغاثة المسالمين، ويستخدمون كل أنواع الأسلحة الثقيلة في مدننا وفي المقدمة عدن النور.

4- إن الجنوب العربي، طوال التاريخ قديمه وحديثه، لم يكن جزءاً من دولة "يمنية" إلا منذ عام 1990 م، عند إعلان الوحدة على عجل، في ظروف استثنائية، وجاءت حرب 1994 م لتلغيها، وتحول الجنوب إلى أرض محتلة لا وجود حقيقي لشعبه في سلطة القرار، وحتى ما حدث من ما سُمي بثورة في 2011 م كان صراعاً في إطار اليمن على السلطة والنفوذ لم تشارك فيه أي قوى جنوبية، وأتوا بالرئيس هادي كحل وسط بينهم مع بقاء كل مراكز النفوذ التي تصارعت في وقت لاحق.

لذلك كله نعتقد أن كل دولة عربية أو أجنبية، لن تكون إلا مؤيدة لحق الجنوب العربي في الاستقلال وبناء الدولة الجنوبية العربية كاملة السيادة، فهذا حق الشعب الجنوبي طبقاً لكل المواثيق الدولية، وهو أيضا في مصلحة كل الدول التي لها مصالح في المنطقة، فالجنوب وقضيته مفتاح لحل كل القضايا وأساس للأمن والاستقرار في المنطقة.

وبناء دولة في الجنوب العربي أمر ممكن ولكن بناء دولة في اليمن الشقيق يحتاج إلى وقت وجهد وسيكون لدولة الجنوب مساهمة إيجابية في تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق والمنطقة.

والحراك الجنوبي (الذي بدأ في 7 /7/ 2007)، وشبابه وقياداته لهم الدور الفاعل والأساس في المقاومة الوطنية الجنوبية ويتعاونون مع كل فئات شعبهم في ملحمة للمقاومة لم يتوقعها الغزاة، وقدمنا ونقدم أعز الشباب والرجال والحرائر شهداء وجرحى دفاعاً عن أرضنا وعرضنا وكرامتنا.

وصلاتنا قائمة بالدول والمنظمات في العالم لشرح قضيتنا ولا نتوقع الآن أن تعلن دول تأييدها لقضيتنا، لكننا على ثقة أن دولة الجنوب العربي حتماً قادمة بإذن الله.

مصراوي: ما الأسباب التي دعت إلى "الفوضى" التي يشهدها اليمن في الوقت الراهن؟

 

الجفري: لا وجود للدولة أصلاً، وكان هناك وجود للسلطة القائمة على التوازنات في المصالح القائمة على الفساد، والتوازنات في مراكز النفوذ والقوى الحارسة لهذا الفساد المنتج للمصالح، فانقسمت وتصارعت تلك القوى فتعطلت سلطتها، وبرزت قوة جديدة (الحوثي) واستفادت من الفراغ وحاولت أن تملأه بدعم إقليمي (إيراني) ودعم محلي من أحد أهم مراكز السلطة والنفوذ العسكري (الرئيس السابق علي عبد الله صالح)، فجاء هذا الخليط بين ميليشيا وقوة عسكرية بعقليتين مدمرتين بأسلوبين مختلفين فنتج عن ذلك هذه التي أسميتها "فوضى" وهي غير خلاقة إلا لمزيد من عدم الاستقرار.

وكانت مجتمعات ما قبل الدولة تحتكم إلى الأعراف السائدة، لكن مراكز القوى والمصالح والنفوذ المنتجة للفساد دمرت حتى الأعراف التي كانت من الممكن أن تقلص من "الفوضى" أو على الأقل تنظمها!!

 

مصراوي: هل بالفعل تحول اليمن إلى "حرب بالوكالة" بين السعودية إيران؟

الجفري: أولا السعودية تقود تحالفاً يضم أهم دول العرب وفي المقدمة مصر الكنانة، وليست وحدها.

ثانيا: هذه الحرب علينا جميعاً، كعرب، أن نحسن قراءة أسبابها وأهدافها ومآلاتها، فهي دفاع عن ما تبقى من "عروبة" للانطلاق إلى استعادة المكانة العربية في الأرض العربية.

إن اختزال القضية على أنها صراع بين المملكة العربية السعودية وإيران، وطرحه في هذا الإطار هو خطأ قاتل لأي أمل عربي في استعادة ولو شيء من كرامة الأمة.

ما يجري هو أمر مصيري للأمة العربية ولا سبيل إلا النجاح الكامل وأي تراجع أو قبول بأنصاف الحلول سيشكل انتكاسة كارثية ستعاينها الأمة لأكثر من جيل قادم.

إن اختزال القضية على أنها صراع بين المملكة العربية السعودية وإيران، وطرحه في هذا الإطار هو خطأ قاتل لأي أمل عربي في استعادة ولو شيء من كرامة الأمة

نحن جميعا، بما في ذلك دول التحالف، وكلاء للأمة العربية في مرحلة تاريخية مصيرية، فلا يوجد أحد يحارب عن أحد، بل جميعنا نحارب بالأصالة عن أنفسنا، كجزء من الأمة، وبالنيابة عن أمتنا، بل عن أمة الإسلام، لأن قوتها من قوة الأمة العربية، أما الذين فجروا الأوضاع في اليمن فهم يحاربون بالنيابة عن حليفتهم إيران التي تدعمهم.

مصراوي: يتحدث كثير من المراقبين عن أن اليمن انقسم فعليا إلى شمال وجنوب.. من خلال وجودك على الأرض هناك، هل فعلا انقسم اليمن؟ وإن كان حقا كذلك، ما برأيك الأسباب التي دعت إلى ذلك الانقسام؟

الجفري: هناك مفهوم خاطئ صنعه الإعلام، وهو أن الجنوب العربي جزء من اليمن، وهذا افتراء على التاريخ، فلم يكن الجنوب العربي جزءا من اليمن قبل 1990 م مطلقاً، بل لم تكن هناك دولة في التاريخ تحمل اسم "اليمن" إلا منذ عهد الإمام يحيى بن حميد الدين في القرن العشرين الماضي بعد الحرب العالمية الأولى، حيث غير اسم مملكته من "المملكة المتوكلية الإسلامية" إلى "المملكة المتوكلية الهاشمية" ثم غيرها إلى "المملكة المتوكلية اليمنية" ولم تشمل أي جزء من الجنوب العربي.

اليمن هو اسم جهة مثل الشام، وكل أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن الشام واليمن، كانت عن جهتين : شمال الكعبة وجنوبها، لم تكن هناك دولة اسمها اليمن، ولم يكن الجنوب تابعا لليمن، وكان سكان الجنوب في التاريخ القديم يسمون "عرب الجنوب"، لذلك فاسمه الجنوب العربي، ووثيقة الاستقلال عن بريطانيا نصت على "استقلال الجنوب العربي في 30 نوفمبر 1967م" ثم غير الحكام الاسم دون استفتاء لشعب الجنوب العربي.

مصراوي: كيف ترى عاصفة الحزم وامتدادتها "إعادة الأمل"؟ برأيك.. إلى أي مدى نجحت عاصفة الحزم في وقف تقدم الحوثيين وحلفائهم؟

الجفري: لا شك أنها جاءت في وقتها، بل قد تكون تأخرت، وقد قلصت من قدرات الغزاة الإنقلابيين.

ولا شك أننا نتألم عندما نرى الدماء في أي مكان، خاصة المدنيين الأبرياء، لكن ألا نسأل أنفسنا من الذي بدأ القتال وشن حروبه على كل المحافظات في اليمن ثم على الجنوب؟!

ألا نرى من الذي انقلب على الشرعية في صنعاء وعلى كل الاتفاقيات؟!

ألا نرى من الذي استولى على أسلحة القوات المسلحة وعلى السلطات والمؤسسات الحكومية؟!

ألا نرى من الذي وضع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزراء آخرين ونواب من مجلس النواب، رهن الإقامة الجبرية واحتل دار الرئاسة وغيرها؟!

ألم نرى من الذي بدأ استخدام الطيران في عدن؟!

ومن الذي قصف بكل أنواع الأسلحة المدنيين؟

ألا نرى من الذي أقام المعسكرات ومخازن ومستودعات الأسلحة الضخمة والخطيرة والصواريخ في وسط المدن وبين السكان؟!

أليس هؤلاء هم المسؤولون عن ما تعرض له المدنيون من خوف ورعب وقتل؟!

ومع كل هذا فإن "عاصفة الحزم" ثم "إعادة الأمل"، حققت وتحقق أهدافها ولا بديل أمامها مطلقاً غير النصر الكامل.

مصراوي: ما حجم الوجود الإيراني في اليمن؟ وهل لديكم أدلة، على دعم إيران "العسكري" للحوثيين؟

الجفري: حجم وجود إيران في اليمن بحجم أتباعها، وهو برغم اتساعه مساحة في اليمن والجنوب إلا أنه مرتبك ويتعرض للضربات، ولذلك لا بديل غير إنهائه، وما دون ذلك سيقويه ويجذره، فالضربة التي لا تقتل تعطي قوة للمضروب.

وأنا على ثقة بأن بداية انكماش هذا الوجود سيبدأ بالجنوب الذي تخوض فيه المقاومة الوطنية الجنوبية ملاحم غير مسبوقة، ويقدم خيرة شبابنا ورجالنا وحرائرنا أرواحهم فداء للأرض والعرض والكرامة، وسينتهي هذا الوجود في صعدة وسينعكس ذلك على باقي البلاد العربية في عراقنا وشامنا.

مصراوي: إلى أي مدى إمكانية الوصول إلى "حل سياسي" للأزمة في اليمن؟

الجفري: بالنسبة لليمن فالحل السياسي الوحيد المقبول هو تسليم علي عبد الله صالح والحوثيين بقرارات مجلس الأمن. وبالنسبة للجنوب العربي، أن يتخذ الأشقاء في اليمن موقفاً إيجابياً من أهداف القضية الجنوبية بالتسليم لإرادة شعب الجنوب في التحرير والاستقلال، وبناء دولته الجنوبية العربية الفيدرالية كاملة السيادة على كامل أرض الجنوب بحدودها المعروفة دولية قبل 22 مايو 1990 م، فبعد كل هذا الذي جرى ويجري فلا سبيل إلى حل دائم غير هذا، وما عداه مسكنات لا تشفي جرحاً، ولا توقف نزيفاً، ولا تحل قضية.

فلا يمكن أن يقبل المجتمع الدولي والإقليمي حلا لا يحقق قرارات مجلس الأمن ولا يمكن أن يقبل شعب الجنوب، الأشد مقاومة هذا الغزو، دون تحقيق أهداف قضيته الجنوبية.

مصراوي: أي دور تراه يمكن أن تلعبه مصر في حل الأزمة اليمنية؟

الجفري: مصر كبرى بلاد العرب، وليست وسيطا بل شريكا أساسيا في التحالف العربي، وستكون أحد أكبر المتضررين ما لم يتحقق ما جاء في إجابة السؤال السابق.

القضية قضية وجود مكانة للعرب في أرضهم أو لا وجود لمكانة، ويتحولون إلى دول يغزوها نفوذ إيران الواحدة تلو الأخرى، وهو أمر لا يمكن أن تقبله مصر ولا يمكن أن يقبله العرب، ومن هذا المنطلق جاءت "عاصفة الحزم" ثم "إعادة الأمل"، بقيادة المملكة العربية السعودية وقوفاً مع شرعية الرئيس هادي كرئيس لليمن وحتى لا تبدأ حبات "السبحة" بالتناثر بدءاً باليمن .

مصراوي: هل يمكن أن تكون الأزمة الحالية بذرة دولة في الجنوب التي ينشدها الحراك الجنوبي؟

الجفري: بذرة دولة الجنوب قد بذرها شعبنا عبر سنوات من النضال والتضحيات، وقد نبتت البذرة، وبإذن الله موسم الحصاد قادم.

نبذة عن عبد الرحمن الجفري:

يترأس رابطة الجنوبي العربي الحر (الرابطة) الذي أعلن رسميا في عدن عام ١٩٥١، وتخرج من الكلية الحربية المصرية في فبراير 1965. وشغل في 1994 منصب نائب رئيس الجمهورية التي أعلنت في عدن إبان الحرب بين الشمال والجنوب.

كما يترأس الهيئة الوطنية الجنوبية للتحرير والاستقلال التي أعلنت في عدن في أوائل فبراير 2015 والتي تضم أهم مكونات الحراك الجنوبي التي تتبنى التحرير والاستقلال عن حكم اليمن وبناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة على كامل أرض الجنوب بحدوده المعروفة دوليا قبل 22 مايو 1990.