الدولة في اليمن وزمن التيه

2014-11-17 11:52

 

يرجع هذا المسمى "التيه" الى التيه الذي كتبه الله على بنى إسرائيل بعد رفضهم لقتال القبائل الكنعانية التي كانت تسكن المدينة المقدسة في فلسطين، وكانت مدة التيه 40 عاما مات فيها نبي الله موسى وانتهى بعد تربية جيل جديد يستطيع القتال.

 

يظهر أن الدولة في اليمن في زمن التيه، وقد كتبنا على أنفسنا –وليس الله- هذا التيه بسبب مساهمتنا في إضاعة الدولة وعدم القتال دفاعاً عنها، لا أقصد دولة صالح أو دولة هادي، أقصد الدولة كمفهوم عام، الدولة ككيان بعيداً عن الأشخاص، الدولة التي ظهرت لسنوات قليلة في الشمال في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، وظهرت لسنوات في الجنوب في عهد الحزب الاشتراكي مع ما رافقها من سلبيات.

 

لا أحد اليوم معني باستعادة الدولة، وعلى العكس فالبعض يجدون أنفسهم معنيون بالإجهاز عليها ليشكل كلاً دويلة على مقاسه ومقاس مصالحه الفئوية أو الشخصية الضيقة.

 

الكل يتباكى على الدولة، لكن لا أحد يعمل وبجد على استعادتها، وليست من ضمن أولويات القوى الرئيسة في اليمن، مع أنها قد تكون الحلم الأوحد والجامع لدى الغالبية من أبناء الشعب، لكن لا يوجد كيان ما ينظمهم لتحقيق ذلك الحُلم.

 

تستفيد القوى الانتهازية من غياب الدولة، لكنها فوائد زائفة وسرعان ما يكتشفون أنهم يخسرون وفي لحظات بسيطة ما كسبوه خلال عقود من غياب الدولة، لا أقصد الخسائر المادية فقط، لكنهم يكتشفون أنهم يخسرون أنفسهم وكرامتهم وتاريخهم أيضاً ويصبحون عرضة لملاحقات قانونية وقضائية حتى وهم في بلاد الاغتراب، فالأموال المغسولة ودماء الضحايا لهم بالمرصاد وستجد حتماً من يهتم بها.

 

الى متى سيستمر هذا التيه؟ وهل يعي البعض أن استمراره قد يؤدي الى ضياع الدولة الجامعة والى الأبد ونجد انفسنا في دويلات تتجاذبها النزعات البدائية الغرائزية المناطقية أو المذهبية أو العرقية، ويمولها صراع المحاور المحتدم حولنا..

 

الكل يصيح: نريد استعادة الدولة، لكن تصرفات الغالبية تذهب في عكس هذا الاتجاه، بل أن البعض وبدلاً من السعي الى اصلاح وترميم ما تبقى من الدولة يعمل على انتاج أدوات دولته الخاصة بعيداً عن مفهوم الدولة الوطنية الجامعة.

 

هل يمكن أن يفرز المجتمع قوة سياسية يكون هدفها بناء الدولة؟ دولة المواطنة المتساوية، دولة الحقوق والحريات السياسية والشخصية، دولة يتم فيها تبادل السلطة بطريقة سلمية عن طريق الديمقراطية، دولة تستخدم العلم والمعرفة والتكنلوجيا الحديثة، دولة ندخل بها العصر الحديث.

 

الأشهر أو السنوات القادمة قد تُقدم الإجابة، هذا إذا لم تتفكك الدولة.

 

"نقلاً عن صحيفة الشارع"

[email protected]