سيماء السُّجود: صَّلاة خالصة أم حكة بالثُّوم ! الفرق كبير بين صلاة العبادة وصلاة السياسة

2012-11-14 19:23
سيماء السُّجود: صَّلاة خالصة أم حكة بالثُّوم ! الفرق كبير بين صلاة العبادة وصلاة السياسة
شبوة برس - متابعات

 

سيماء السُّجود: صَّلاة خالصة أم حكة بالثُّوم ! الفرق كبير بين صلاة العبادة وصلاة السياسة

السيماء التي يتباهون بها في الجباه، أكثر التفسير أنها في الآخرة بياض العفة والخشوع، لا ركبة العنز في الدُّنيا. بدليل الآية: 'تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ'.

بقلم: رشيد الخيُّون

شبوة برس - متابعات

عندما تنظر في وجوه المصلين تجد جباه بعضهم حدد بسواد، أو ما يشبه الغدة في الجبين، وما سماه المفسرون "ركبة العنز" تبدو لك لكثرة ملامسته الأرض أو ما يُسجد عليه، وبطبيعة الحال تكون لدى الشِّيعة أكثر مِن سواهم بسبب السُّجود على "التُّربة".

لكن لا تجد في وجوه آخرين، مع دوامهم على الصَّلاة بما فيها صلوات النَّوافل وعلى التُّربة أيضاً، شيئاً مِن هذا القبيل، ولا تجد خللاً في تقاهم.

يبرز تحديد الجبين بقطعة السَّواد أو على شكل نتوء كثيراً بين المصريين مِن السَّلفيين والإخوان المسلمين، بل تجدها مضاعفة عند هؤلاء، كذلك أغلب رجالات الإسلام السِّياسي لديهم مثل ذلك، تبرز أكثر في تقاسيم الوجوه عندما يبكون أو يضحكون، وإن كانوا قليلي الضِّحك، ربما لأن الضحك يفقد الاتزان أو لأنه مِن نواتج الفرح، وقد يقود إلى الغرور، فجاء في الآية "إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ" (القصص 76)، بينما ما ورد في الاية يخص الغرور لا السرور.

 

ما يخص أثر السُّجود في الجبين جاء في الآية: "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" (الفتح: 29).

لكن هل أن سيماء السُّجود تؤخذ على المعنى الظَّاهر، وفي الوجوه لا في الجباه، مع أن الساجد يسجد على جبينه لا وجهه ككل؟ الذين يتظاهرون في هذه السيماء، ولعلهم قصدوا إلى إيجادها بالاستعانة بآلة أو وسيلة، مثلما سنرى ما جاء في التراث مِن هذا الشَّأن، تعني هذا المعنى؟ فلنقرأ في تفسير محمد بن جرير الطَّبري (ت 310 هـ) في تفسير هذه الآية الآتي:

- علَامَة يَجْعَلهَا اللَّه فِي وُجُوه الْمُؤْمِنِينَ يَوْم الْقِيَامَة، ويُعْرَفُونَ بِهَا لِمَا كَانَ مِنْ سُجُودهمْ لَهُ فِي الدُّنْيَا.

- صَلَاتهمْ تَبْدُو فِي وُجُوههمْ يَوْم الْقِيَامَة، يُعْرَف ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر سُجُودهمْ فِي الدُّنْيَا مَوَاضِع السُّجُود مِنْ وُجُوههمْ يَوْم الْقِيَامَة أَشَدّ وُجُوههمْ بَيَاضًا.

- النُّور يَوْم الْقِيَامَة بَيَاضًا فِي وُجُوههمْ يَوْم الْقِيَامَة.

- لَيْسَ بِاَلَّذِي تَرَوْنَ وَلَكِنَّهُ سِيمَا الْإِسْلَام وَسَحْنَته وَسَمْته وَخُشُوعه.

إِنَّهُ يَكُون بَيْن عَيْنَيْهِ مِثْل رُكْبَة الْعَنْز، وَهُوَ كَمَا شَاءَ اللَّه.

وَقَالَ آخَرُونَ: ذَلِكَ أَثَر يَكُون فِي وُجُوه الْمُصَلِّينَ، مِثْل أَثَر السَّهَر، وَأَشْبَه ذَلِكَ مِمَّا يُظْهِرهُ السَّهَر وَالتَّعَب فِي الْوَجْه، وَوَجَّهُوا التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ سِيَمًا فِي الدُّنْيَا.

هذه تفسيرات وتأويلات الآية، وآخرها كان العلامة التي بين العينين كركبة العنز، تظهر على شخص بدأ يُصلي لشهر أو شهرين، بينما لا يحظى بها مَن صلى عشرات السنين.

فربما اختلفت طبيعة الجلود من شخص إلى آخر، فهل الذي صلى ستين أو سبعين عاماً ولم تبرز تلك السِّيماء بين عينيه أنه ليس مِن المقصودين في الآية: "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِن أَثَرِ السُّجُودِ"؟

يروى أن المحدث مساور الوراق (القرن الثاني الهجري) قال لولده في ما يخص الريَّاء الدِّيني، واستخدام الثُّوم في صناعة السِّيماء (الجاحظ، كتاب الحيوان):

شمر قميصك واستعد لقائــــــلٍ ** وأحكك جبينك للقضاء بثُوم

وأجعل صحابك كلَّ حبر ناسكٍ ** حَسن التَّعهد للصَّلاةِ صؤومُ

على أية حال، السِّيماء التي يتباهون فيها، أكثر التفسير أنها في الآخرة بياض العفة والخشوع، لا ركبة العنز في الدُّنيا. بدليل الآية: "تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ" (المطففين 24). أما ما يُستخدم اليوم مِن "ركبة العنز" كجواز مرور إلى الوظائف والوجاهات، فهي مِن فعل الثُّوم لا الصَّلاة!

  * المصدر : ميدل ايست اونلاين

 * اختيار الصورة ( كاريكاتير ) من اختيار شبوة برس